فيستحيل وجوده ثانيا بعينه من دون ذلك الشرط.
بيان بطلان اللازم : أنه (١) لو اعيد ذلك الوقت بعينه لكان (٢) ذلك الإيجاد ثابتا له في الوقت الأوّل ، فيكون من حيث هو معاد مبتدأ ، هذا خلف).
وعلى هذا الدليل اقتصر العالم الرباني الشيخ ميثم البحراني ـ عطّر الله مرقده ـ على ما نقل عنه في قواعده (٣).
وجوابه بناء على ما عرفت من حصول العينية والتشخّص بانضمام تلك الأجزاء إلى الروح ، حسب ما بينّاه وأوضحناه.
ومنها أن من تفرّق أجزاؤه في مشارق الأرض ومغاربها ، وصار بعضه في أبدان السباع وبعضه في جدران الرباع ، كيف يجمع؟ وأبعد من هذا لو أن إنسانا أكل إنسانا صار أجزاء المأكول في أجزاء الآكل ، فإن اعيد ؛ فأجزاء المأكول إمّا أن تعاد إلى بدن الآكل فلا يبقى للمأكول أجزاء تخلق منها أعضاؤه ، وإمّا أن تعاد إلى بدن المأكول منه فلا يبقى للآكل أجزاء.
والجواب أن في الآكل أجزاء أصليّة وأجزاء فضليّة وكذلك في المأكول ، فإذا أكل إنسان إنسانا صار الأصلي من أجزاء المأكول فضليا من أجزاء الآكل ، والأجزاء الأصليّة للآكل هي ما كان له قبل الأكل. والله بكلّ شيء عليم ، يعلم الأصلي من الفضلي ، فيجمع الأجزاء الأصليّة للآكل وينفخ فيها روحه ، ويجمع الأجزاء الفضليّة ـ وهي الأصليّة ـ للمأكول وينفخ فيها روحه. وكذلك يجمع الأجزاء المتفرّقة في البقاع المتعدّدة والأصقاع المتبدّدة بقدرته الكاملة وحكمته
__________________
(١) من هنا إلى قوله : في تفسير الأخبار ، الآتي في الصفحة : ١٥٥ من «ح» ، وقد وقع هذا الكلام في صفحة مفقودة من مصوّرة «ق».
(٢) في «ح» بعدها : في.
(٣) قواعد المرام في علم الكلام : ١٤٧.