والجواب أن يقال : إنما يلزم التناسخ لو لم يكن البدن المحشور مؤلّفا من الأجزاء الأصليّة للبدن الأوّل ، أما إذا كان كذلك فلا يستحيل إعادة الروح إليه ، وليس ذلك من التناسخ ، فإن سمّي به فهو مجرّد اصطلاح ؛ فإن التناسخ الذي دلّ الدليل على منعه واستحالته عبارة عن تعلّق نفس زيد ببدن آخر لا يكون مخلوقا من أجزاء بدنه ، وأمّا تعلّقها بالبدن المؤلف من أجزائه الأصليّة بعينها ، مع تشكّلها بشكل مثل الشكل السابق ، فهو الذي نعنيه بالحشر الجسماني.
وكون الشكل والاجتماع غير السابق لا يقدح في المقصود ، وهو حشر الأشخاص الإنسانية بأعيانها ؛ لما بيّناه آنفا من أن زيدا مثلا شخص واحد محفوظ وحدته الشخصيّة من أوّل عمره ـ إلى آخره ـ بحسب العرف والشرع ؛ ولذلك يؤاخذ عرفا وشرعا بعد التبدّل ما لزمه قبل. وكما لا (١) يتوهّم أن في ذلك تناسخا لا ينبغي أن يتوهّم في هذه الصورة وإن كان الشكل الثاني مخالفا للشكل الأوّل ، كما ورد في الخبر (٢) أنه يحشر المتكبرون كأمثال الذر ، وأن ضرس الكافر مثل جبل احد ، وأن أهل الجنة جرد مرد مكحولون.
والحاصل أن المعاد الجسماني عبارة عن عود النفس إلى بدن هو ذلك البدن بحسب الشرع والعرف ، ومثل هذه التبدّلات والتغيّرات التي لا تقدح في الوحدة بحسب الشرع والعرف لا تقدح في كون المحشور هو المبدأ.
ومنها أنه على القول الأوّل من القولين المتقدّمين يلزم أنه (لو كانت إعادة المعدوم جائزة لكان إعادة الوقت الذي حدث فيه أولا جائزة ، لكن اللازم باطل ، فالملزوم كذلك.
بيان الملازمة : أن الوقت الأوّل من شرائط وجود ذلك الشخص ومشخّصاته ،
__________________
(١) سقط في «ح».
(٢) بحار الأنوار ٧ : ٥٠.