النجاسة فلا إشكال في تنجّسه كما هو الأشهر الأظهر. وحينئذ ، فالماء وإن طهّر ذلك الموضع الذي فيه النجاسة ـ إذ لا منافاة عندنا بين نجاسته بالملاقاة وتطهيره ذلك الموضع ، كما أوضحناه بما لا مزيد عليه في رسالتنا المشار إليها آنفا ـ إلّا إنّه بعد التعدي عن ذلك الموضع إلى موضع آخر خال من النجاسة يكون نجسا منجّسا لما يلاقيه ، والماء النجس لا يرفع حدثا مع العمد نصا (١) واتفاقا.
وعلى هذا تحمل (٢) الأخبار الواردة في كيفية غسل الجنابة ، وذلك ، فإنّ المفروض فيها كون الغسل من تلك الأواني الصغار المستعملة يومئذ ، وأنه يغسل كلّا من جنبيه بثلاثة أكفّ (٣) أو أربعة أكفّ (٤) ، كما تضمّنته جملة من تلك الأخبار.
ومن الظاهر أن الغسل على هذا التقدير إنّما هو بإجراء اليد بالماء المغسول به من موضع إلى آخر. وحينئذ ، فلو كان هناك نجاسة للزم تنجّس ذلك الماء بها ، وتعدي النجاسة إلى سائر ما لاقاه ذلك الماء واليد المصاحبة له ، فمن ثمّ أمروا عليهمالسلام احترازا عن ذلك (٥) بإزالة النجاسة أولا.
ومن ذلك يظهر أن هذه الأخبار لا تقوم حجة على الاشتراط مطلقا ، فالظاهر الذي ينبغي العمل عليه في هذه المسألة هو القول بصحة الغسل والوضوء في الصورة المفروضة ؛ لعدم دليل يدل على وجوب تقديم الإزالة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ١٦٩ ـ ١٧٠ ، أبواب الماء المطلق ، ب ١٣.
(٢) في «ح» : الحمل.
(٣) الكافي ٣ : ٤٣ / ٣ ، باب صفة الغسل .. ، وسائل الشيعة ٢ : ٢٣٠ ، أبواب الجنابة ، ب ٢٦ ، ح ٢ ، تهذيب الأحكام ١ : ١٣٧ / ٣٨٤ ، وسائل الشيعة ٢ : ٢٤١ ، أبواب الجنابة ، ب ٣١ ، ح ٦.
(٤) لم ترد رواية الأربعة الأكف في كيفية غسل الجنابة ، بل وردت في استحباب النضح لمن اغتسل بالماء القليل وخشي عودة الغسالة إلى الماء ، انظر وسائل الشيعة ١ : ٢١٦ ـ ٢١٨ ، ب ١٠.
(٥) في «ح» بعدها : الماء.