أحد من أصحابنا (١) ؛ إذ لا دليل عليه. وبذلك يظهر أن الأخبار الدالة على إزالة النجاسة قبل الغسل ليست مقيدة للأخبار الدالة على كيفية الغسل الخالية عن ذكر إزالة النجاسة ، ويظهر ضعف ما توهمه من لزوم ارتكاب التقييد في الأخبار الكثيرة لو لا الحمل على ما ذكره.
إذا عرفت ذلك ، فالتحقيق في هذا المقام أن يقال : إن ما ادّعوه من وجوب إزالة النجاسة الخبثية أولا ، ثمّ إجراء ماء الغسل بعد ذلك ، وأن ماء الغسل لا يجزي لرفعهما معا لا دليل عليه ، وما علّلوه به من أن اختلاف السبب يقتضي اختلاف (٢) المسبّب ، وأن الأصل عدم التداخل ، فكلام شعري لا يجدي نفعا في مقام التحقيق. وقد حققناه في مسألة تداخل الأغسال من كتابنا (الحدائق الناضرة) (٣) ما يقطع حجة الخصم في ذلك.
نعم ، وجه الإشكال في ذلك هو أنّهم قد أجمعوا إلّا الشاذ منهم على نجاسة الماء القليل بالملاقاة ، وعليه دلّت الأخبار المستفيضة كما حققناه في رسالتنا (قاطعة القال والقيل في نجاسة الماء القليل). والمشهور بينهم أيضا القول بنجاسة الغسالة.
ولا ريب أنه بناء على هاتين المقدّمتين متى اغتسل وعلى بدنه نجاسة لم تزل عينها بالغسل (٤) وإن كانت لا تمنع وصول الماء للجسد ، أو زالت عينها واضمحلت من ذلك الموضع الذي هي فيه ولكن تعدّت غسالتها إلى موضع آخر من الجسد طاهر قبل ذلك ، ولم تنفصل من موضع النجاسة إلى خارج البدن ، فالقول بصحة الغسل هنا مشكل جدّا بناء على ما قلناه ، وذلك أن الماء بملاقاته
__________________
(١) ذكرى الشيعة ١ : ٢١٦ ، مجمع الفائدة والبرهان ١١ : ٤٥٣ ، مشارق الشموس : ٢٧٣ ، هداية الأبرار : ٢٩٦.
(٢) من «ح» ، وفي «ق» : خلاف.
(٣) الحدائق الناضرة ٢ : ١٩٦ ـ ٢٠٥.
(٤) في «ح» : بماء الغسل ، بدل : بالغسل.