ذكرها ، وعلى ذلك يحمل حكم العلّامة في (النهاية) بالاستحباب ؛ فإنّ الاستحباب إنّما هو من حيث التقديم وإن كان واجبا من حيث اشتراط طهارة المحل قبل الغسل.
وثالثها : قوله : (إنّ الدليل أخص من الدعوى ، وإن التعدي عن موضع النص يحتاج إلى دليل) ، فإن فيه أنه من المقرّر في كلامهم في أمثال هذا المقام وغيره من الأحكام هو التعدية بطريق تنقيح المناط القطعي ، إلّا أن يعلم الخصوصية في ذلك الحكم فيخصّ بموضعه. والخصوصيّة هنا غير معقولة كما لا يخفى ؛ فيجب التعدية.
وأما ما ذكره بعض محققي متأخري المتأخرين بعد أن احتمل الاستدلال على ذلك بالأخبار المشار إليها ، حيث قال ما لفظه : (ولقائل أن يقول : كثير من الأخبار الواردة في بيان كيفيّة الغسل خال عن هذا ، وحمل هذه الأخبار على الاستحباب الشائع في الأخبار ، أو الحمل على الغالب من عدم حصول إزالة المني بالغسلة الواحدة ، أهون من ارتكاب التقييد في الأخبار الكثيرة. ويرجّح الأول الأصل وقرب التأويل ، والثاني وجوب تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت.
وبالجملة ، المقام محلّ التردد ، والاحتياط في تقديم التطهير) (١) ـ انتهى ـ [فـ] فيه (٢) أن خلوّ الأخبار الواردة في بيان كيفية الغسل عن إزالة النجاسة التي هي خارجة عن الكيفيّة لا يدل على عدم توقف صحّة الغسل على الإزالة بمفهوم ولا منطوق ، إلّا بمفهوم اللقب ، وهو ليس بحجة عند هذا القائل (٣) ، بل ولا عند
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٥٨.
(٢) في النسختين : وفيه.
(٣) ذخيرة المعاد : ٢٨٠.