ثلاثا» (١). ونحوها غيرها من الروايات الكثيرة الواردة في المقام.
وربّما يقال : (إنه يشكل الاعتماد في ذلك على هذه الأخبار ؛ لتضمّنها جملة من المستحبّات كغسل اليدين والاستنشاق ونحوهما ، فحمل الأمر فيها على الوجوب في هذا الحكم غير متيقّن إلّا بدليل من خارج ، وليس فليس.
على أن القائلين بوجوب الإزالة لا يقولون به قبل غسل جميع الأعضاء (٢) ، وإنّما يقولون [به] في كلّ جزء اريد غسله ، فلا يمكنهم حمل الأوامر المذكورة على الوجوب ؛ ولهذا صرّح العلّامة في (النهاية) ـ كما تقدّم في عبارته ـ بأن ذلك من مستحبات الغسل.
ثمّ لو سلّم الدلالة على الوجوب فالدليل أخص من المدّعى ، والتعدي عن موضع النص إلى غيره يحتاج إلى دليل).
وفيه نظر من وجوه :
أحدها : قوله : (إنّ هذه الأخبار قد تضمنت جملة من المستحبّات) ؛ فإنّ فيه : أنها أيضا قد تضمنت جملة من الواجبات.
فإن قال : إن هذه الواجبات قام الدليل على وجوبها من خارج.
قلنا : هذه المستحبات أيضا قد قام الدليل على استحبابها من خارج ، ونحن إنّما قلنا بالوجوب في المقام من حيث الأمر الذي هو حقيقة في الوجوب عندهم ، وإخراجه عن حقيقته يحتاج إلى دليل ، فالاستحباب هو المحتاج إلى الدليل لا الوجوب كما زعمه هذا القائل.
وثانيها : قوله : (على أن القائلين بوجوب الإزالة) ـ إلى آخره ـ فإنّ فيه أن وجوب الإزالة عندهم من قبيل الواجب الموسّع ، وإنّما يتضيق في الصورة التي
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٣ / ١ ، باب صفة الغسل .. ، وسائل الشيعة ٢ : ٢٢٩ ، أبواب الجنابة ، ب ٢٦ ، ح ١.
(٢) في «ح» : الأجزاء.