في الرجل يجد في إنائه فأرة وقد توضأ من ذلك الإناء مرارا ، وغسل منه ثيابه واغتسل منه ، وقد كانت الفأرة منسلخة؟ فقال : «إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثمّ فعل ذلك بعد ما رآها في الإناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كلّ ما أصابه من ذلك (١) ، ويعيد الوضوء والصلاة ، وإن كان إنّما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمسّ من الماء شيئا ، وليس عليه شيء ، لأنه لا يعلم متى سقطت فيه».
ثم قال : «لعله إنّما سقطت تلك الساعة التي رآها» (٢).
وجه الاستدلال : أن ظاهر قوله عليهالسلام : «إن كان رآها في الإناء» إلى قوله : «ثمّ فعل ذلك بعد ما رآها» ، يشمل العامد والناسي. وظاهر قوله : «يعيد الوضوء والصلاة» من دون تفصيل ، يشمل الإعادة في الوقت وخارجه ، سيّما وسؤال الراوي ـ حيث قال : وتوضأ من ذلك الماء مرارا ـ يدل على خروج وقت (٣) بعض الصلوات كما لا يخفى.
وأمّا الثاني ، فلعدم الدليل عليه ، بل قيام الدليل على عدمه ، وما استدلوا به من عموم تلك الروايات فغير مسلّم ؛ لما قرروه في غير موضع من عدم توجه النهي إلى الجاهل ، لامتناع تكليف الغافل. وأنت خبير بأن ما نحن فيه من ذلك القبيل.
ولهذه المسألة نظائر في الأحكام الشرعية قد اتفقوا فيها على الصحة مع الجهل ، منها الصلاة في الثوب المغصوب جاهلا بالغصب.
ومنها الصلاة في المكان المغصوب كذلك ، فإنه لا خلاف بينهم في الصحة ؛ وحجتهم في ذلك ما أشرنا إليه من عدم توجه النهي الوارد إلى الجاهل ؛ لقبح تكليف الغافل.
__________________
(١) في المصدر : ذلك الماء ، بدل : من ذلك.
(٢) الفقيه ١ : ١٤ / ٢٦ ، تهذيب الأحكام ١ : ٤١٨ / ١٣٢٢ ، وسائل الشيعة ١ : ١٤٢ ، أبواب الماء المطلق ، ب ٤ ، ح ١.
(٣) ليست في «ح».