بربّ العباد ، وأنه ليس انتسابهم إليه صلىاللهعليهوآله بمجرد القرابة كما يدّعيه ذوو العناد والفساد وإن تبعهم من حاد في هذه المسألة من أصحابنا عن طريق السداد ؛ حيث حملوا لفظ الابنيّة في حقهم ـ صلوات الله عليهم ـ على المجاز ، وهي صريحة كما ترى في الابنيّة الحقيقية لا مسرح للعدول عنها والجواز.
ومنها ما رواه في (الكافي) في أبواب الزيارات بسنده عن بعض أصحابنا قال : حضرت أبا الحسن الأول عليهالسلام وهارون الخليفة وعيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى بالمدينة وقد جاءوا إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : هارون لأبي الحسن عليهالسلام تقدم ، فأبى ، فتقدم هارون فسلم وقام ناحية ، وقال عيسى بن جعفر لأبي الحسن عليهالسلام : تقدّم. فأبى عليهالسلام ، فتقدّم عيسى فسلم ووقف مع هارون ، فقال جعفر لأبي الحسن عليهالسلام : تقدم. فأبى ، فتقدّم جعفر وسلم ، ووقف مع هارون ، وتقدم أبو الحسن عليهالسلام وقال : «السلام عليك يا أبه ، أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك أن يصلّي عليك». فقال هارون لعيسى سمعت ما قال؟ قال : نعم. قال هارون : أشهد أنه أبوه حقا (١). فانظر أيدك الله إلى شهادة هارون بابوته صلىاللهعليهوآله حقا ، وأي مجال للحمل على المجاز كما لا يخفى على من لا حظ قرائن الحال (٢).
وبالجملة ، فإن هذه الأخبار ـ كما ترى ـ صريحة في أن بنوّتهم بالنسبة إليه صلىاللهعليهوآله إنما هي بطريق الحقيقة التي لا ينكرها إلّا جاهل عادم الفهم والسليقة ، أو من لم يقف على هذه الأخبار العالية المنار ، كجملة من قال بالقول المشهور من علمائنا الأبرار ، فإنهم لم يعطوا النظر حقه في تتبع الأخبار كما لا يخفى على من راجع كلامهم في المقام بعين الاعتبار.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٥٥٣ / ٨ ، باب دخول المدينة ..
(٢) ومنها ما رواه في الكافي .. قرائن الحال ، من «ح».