موسى عن أبيه عن آبائه عن الحسين عليهمالسلام ، في حديث طويل قال فيه : واشتدت البلوى على بني إسرائيل حتّى ولد يحيى بن زكريا عليهالسلام وترعرع ، فظهر وله سبع سنين ، فقام في الناس خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه وذكّرهم بأيام الله ، وأخبرهم أن محن الصالحين إنّما كانت لذنوب بني إسرائيل وأنّ العاقبة للمتّقين ، ووعدهم الفرج بقيام المسيح عليهالسلام بعد نيف وعشرين سنة من هذا القول. فلمّا ولد المسيح أخفى الله عزوجل ولادته وغيّب شخصه ؛ لأن مريم لمّا حملته انتبذت به مكانا قصيّا. ثمّ إنّ زكريا وخالتها أقبلا يقصان أثرها حتّى هجما عليها ، وقد وضعت ما في بطنها ، وهي تقول : يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا. فأطلق الله تعالى ذكره لسانه بعذرها وإظهار حجتها» (١) الحديث.
وظاهر هذا الحديث ـ كما ترى ـ هو تقدّم ولادة يحيى على عيسى عليهماالسلام بمدة مديدة ؛ لأنه عليهالسلام وقت خطبته كان ابن سبع سنين وعيسى عليهالسلام لم يولد يومئذ ، وإنّما وعدهم بقيامه بعد نيف وعشرين سنة من وقت ذلك القول. وظاهر الخبر الأول ـ كما حكينا عن أمين الإسلام ـ أن يحيى عليهالسلام إنّما كان أكبر سنّا من عيسى عليهالسلام بستة أشهر. وكيف كان ، فالخبر صريح في أنّهما حال دخول مريم عليهاالسلام على أختها فالحمل في بطن كلّ منهما.
ومنها ما رواه الصدوق في (الفقيه) مرسلا قال : قال الصادق عليهالسلام : «إنّ رجلا جاء إلى عيسى بن مريم عليهالسلام فقال : يا روح الله ، إني زنيت فطهّرني ، فأمر عيسى أن ينادى في الناس لا يبقى أحد إلّا خرج لتطهير فلان ، فلمّا اجتمع واجتمعوا [وصار] (٢) الرجل في الحفرة نادى [الرجل] (٣) : لا يحدّني من لله تعالى في جنبه حدّ. فانصرف كلّهم إلّا يحيى وعيسى عليهماالسلام ، فدنا منه يحيى فقال له : يا مذنب عظني. فقال : لا تخلّين بين نفسك
__________________
(١) كمال الدين : ١٥٨ / ١٧.
(٢) من المصدر ، وفي النسختين : فصار.
(٣) من المصدر ، وفي النسختين : مناد.