(مُصَدِّقاً) ، يعني يصدّق يحيى بعيسى. قال : وكان أوّل تصديق يحيى بعيسى أن زكريا كان لا يصعد إلى مريم في تلك الصومعة غيره ، يصعد إليها بسلّم ، فإذا نزل قفل عليها الباب (١) ، ثمّ فتح لها من فوق الباب كوّة صغيرة يدخل منها الريح. فلمّا وجد مريم وقد حبلت ، ساءه ذلك وقال في نفسه : ما كان يصعد إلى هذه أحد غيري وقد حبلت ، الآن أفتضح في بني إسرائيل ، لا يشكّون أنّي أحبلتها. فجاء إلى امرأته فقال لها ذلك ، فقالت : يا زكريا لا تخف ؛ فإنّ الله لا يصنع بك إلّا خيرا ، وأتني بمريم أنظر إليها وأسألها عن حالها ، فجاء بها زكريا إلى امرأته.
فكفى الله مريم الجواب عن السؤال ، فإنّها دخلت إلى اختها ـ وهي الكبرى ومريم الصغرى ـ فلم تقم إليها امرأة زكريا ، فأذن الله ليحيى وهو في بطن أمّه ، فضرب بيده في بطنها وأزعجها ، ونادى بأنّه تدخل إليك سيّدة نساء العالمين مشتملة على سيد رجال العالمين ، فلا تقومين إليها؟ فانزعجت وقامت إليها ، وسجد يحيى وهو في بطن امّه لعيسى بن مريم ، فذلك أول تصديقه له» (٢) الحديث.
قال أمين الإسلام الطبرسي في كتاب (مجمع البيان) ـ في تفسير قوله عزوجل (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) ـ : أي مصدقا بعيسى عليهالسلام ، وعليه جميع المفسرين وأهل التأويل).
إلى أن قال : (وكان يحيى أكبر سنّا من عيسى عليهماالسلام بستة أشهر ، وكلّف التصديق به ، فكان أوّل من صدّقه وشهد أنه كلمة الله وروحه) (٣) انتهى.
أقول : وفي هذا الخبر ما يؤيد ما ذكره قدسسره.
ومنها ما رواه الصدوق في (إكمال الدين وإتمام النعمة) عن محمد بن علي بن
__________________
(١) ليست في «ح».
(٢) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٦٥٩ ـ ٦٦١ / ٣٧٤.
(٣) مجمع البيان ٢ : ٥٦١.