كان عليها من المفارقة الواقعة قبل طلب عيسى عليهالسلام؟
فعلمنا من ذلك كلّه أنّ سؤال عيسى وإجابة يحيى عليهماالسلام وخروجه كلّ ذلك إمّا في عالم الأرواح ، أو عالم المثال. وحينئذ ، فلا يتحقّق التنافي بين الحديثين.
وهذا ما وعدنا به سابقا من قولنا : كما يظهر لك أخيرا ، والله أعلم بالصواب.
وفي الحديثين بحث طويل لا يسع المقام ذكره ، والسلام عليكم.
والمأمول من الألطاف الأحمدية ـ دامت فيوضها ـ أن يجري العبد الكاتب دائما على صفحات باله الشريف وخياله المقدّس
المنيف ، خصوصا عند ظهور لوامع إشراقاته وتأرج نفحات أنفاسه. كتب المحب ـ أقل عباده علما وعملا ـ أحمد بن عبد السلام البحراني) انتهى.
أقول : وهذا الشيخ المجيب كان من أجلّاء فضلاء بلاد البحرين ، وكان هو الخطيب لشيخنا علّامة الزمان الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني يوم الجمعة ؛ لأنه كان خطيبا مصقعا (١) ، وكان الشيخ بعد فراغه من الخطبة يحتاط بالإتيان بخطبة خفيفة ، كما سمعته من والدي ، قدّس الله نفسه ونوّر رمسه.
ثمّ أقول : لا يخفى أن الأخبار الواردة في هذا المقام بالنسبة إلى عيسى ويحيى عليهماالسلام لا تخلو من تدافع وتناقض لا يكاد يرجى به الالتئام ، وها أنا أنقل لك جملة ما وقفت عليه من الأخبار في هذا الباب ، فمنها ما في كتاب (تفسير الإمام العسكري عليهالسلام) ـ في حديث طويل ـ قال : «وأمّا الحسن والحسين [فـ] سيّدا شباب أهل الجنّة ، إلّا ما كان [من] ابني الخالة عيسى ويحيى».
إلى أن قال عليهالسلام : «قال الله عزوجل (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) يعني نادت زكريا (وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) (٢) ، قال :
__________________
(١) مصقع : بليغ. الصحاح ٣ : ١٢٤٤ ـ صقع.
(٢) آل عمران : ٣٩.