وبمقتضى هاتين القاعدتين يجب طرح هذا الحكم الذي تضمنته هذه المرسلة (١) ؛ أما مخالفته لـ (القرآن) مع الأخبار المتقدمة فقد عرفته ؛ وأما موافقته للعامة فهو أظهر ظاهر ممّا عرفت من الأخبار المتقدمة ولا سيما رواية أبي الجارود ، وكذا رواية الطبرسي ، وما وقع بين الكاظم عليهالسلام وبين الرشيد في ذلك ، ورواية عابد الأحمسي.
ومما يؤكد ذلك أيضا ما نقله الفقيه محمد بن طلحة الشامي الشافعي في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) ، قال : (وقد نقل أن الشعبي كان يميل إلى آل الرسول صلىاللهعليهوآله وكان لا يذكرهم إلّا ويقول : هم أبناء رسول الله صلىاللهعليهوآله وذريته. فنقل عنه ذلك إلى الحجاج بن يوسف ، وتكرر ذلك منه وكثر نقله عنه ، فأغضبه ذلك من الشعبي ونقم عليه ، فاستدعاه الحجاج يوما وقد اجتمع لديه أعيان المصرين : الكوفة والبصرة وعلماؤهما وقرّاؤهما ، فلما دخل الشعبي عليه وسلم لم يبشّ له ولا وفاه حقّه من الرد عليه ، فلما جلس قال له : يا شعبي ما أمر يبلغني عنك فيشهد عليك بجهلك؟ قال : ما هو يا أمير؟ قال : ألم تعلم أن أبناء الرجل هل
__________________
(١) أقول : وممّا يؤكد ذلك أيضا أن هذه الرواية قد اشتملت على جملة من الأحكام المخالفة لاتفاق العلماء الأعلام ، منها تصريحها بوجوب الزكاة في حاصل الأرض الخراجية والحال أنها لجملة المسلمين تصرف في مصالحهم ، والاتفاق قائم على أن الزكاة إنما تجب على المكلف البالغ العاقل مثل الصلاة. وأمّا الجهات العامّة ، فلا زكاة فيها.
ومنها تصريحها بأن الإمام بعد إخراج الزكاة من حاصل الأرض الخراجيّة يقسمه على الأصناف الثمانية على جهة البسط بما يغنيهم (١) به في السنة ، ولا قائل به.
ومنها أنها صرحت بأن ما فضل عن مؤنة سنتهم فهو له ، وما أعوز وجب عليه الإتمام من ماله.
وهذا الحكم إنما هو في الخمس لا في الزكاة اتفاقا ، إلى غير ذلك من المخالفات التي يقف عليك من تأمّل الرواية هناك (٢) بطولها حقّ التأمّل. منه رحمهالله ، (هامش «ح» و «ع»).
__________________
١ ـ كلمة غير مقروءة ، وما أثبتناه وفق لسان المرسلة.
٢ ـ من «ع».