ينسبون إلّا إليه ، والأنساب لا تكون إلّا بالآباء؟ فما بالك تقول عن أبناء علي : إنهم أبناء رسول الله صلىاللهعليهوآله وذرّيته؟ وهل لهم اتّصال برسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا بامّهم فاطمة ، والنسب لا يكون بالبنات وإنما يكون بالأبناء؟
فأطرق الشعبي ساعة حتى بالغ الحجاج في الإنكار عليه وقرع إنكاره مسامع الحاضرين ، والشعبي ساكت ، فلما رأى الحجاج سكوته أطمعه ذلك في زيادة تعنيفه ، فرفع الشعبي رأسه فقال : يا أمير ما أراك إلّا متكلما بكلام من يجهل كلام الله تعالى وسنّة نبيّه ، أو من يعرض عنهما. فازداد الحجّاج غضبا وقال : ألمثلي تقول هذا يا ويلك؟ قال الشعبي : نعم ، هؤلاء قرّاء المصرين حملة (الكتاب) العزيز فكل منهم يعلم ما أقول ، أليس قد قال الله تعالى حين خاطب عباده (يا بَنِي آدَمَ) (١) ، وقال (٢) (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) (٣) ، وقال عن إبراهيم (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) إلى أن قال (وَعِيسى) (٤) ، فترى يا حجاج اتصال عيسى بآدم وإسرائيل نبي الله وإبراهيم خليل الله بأي آبائه كان؟ أو بأي أجداد أبيه؟ هل كان إلّا بامّه مريم ، وقد صح النقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : «ابني هذا سيد»؟ فلما سمع منه ذلك أطرق خجلا ثم عاد يتلطّف بالشعبي واشتدّ حياؤه من الحاضرين) (٥) انتهى.
الرابع : أن الظاهر أن معظم الشبهة عند من منع في هذه المسألة من تسمية المنتسب بالامّ ولدا حقيقيا بالنسبة إلى جده من امّه هو أنّه (٦) إنما خلق من ماء الأب. والامّ إنما هي ظرف ووعاء كما سمعته من كلام الرشيد للإمام الكاظم عليهالسلام في حديث (الاحتجاج). ويومئ إليه أيضا كلام الحجّاج ، وهذا في البطلان أظهر
__________________
(١) الأعراف : ٢٦ ، وغيرها.
(٢) من «ح».
(٣) البقرة : ٤٠ ، وغيرها.
(٤) الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥.
(٥) مطالب السؤول : ٢٤.
(٦) من «ح».