هاشم) (١) انتهى كلام ابن أبي الحديد بحروفه وألفاظه.
أقول : انظر إلى هذا الخبر بعين البصيرة ، وتأمّل فيما اشتمل عليه بمقلة غير حسيرة ، يظهر لك ما فيه من العجائب والغرائب التي لا تخفى على الموفق (٢) الصائب. وقد روي نظيره من طريق الشيعة أيضا كما سنذكره إن شاء الله تعالى ، وحينئذ ـ وهو متفق عليه بين الفريقين ـ فلا مجال للطعن فيه.
كيف كان ، فلا بدّ من الإشارة إلى ما في الخبر من الفوائد ؛ فمنها أن فيه ردّا لما ادّعاه جملة من علماء القوم وصرّحوا به من أن مذهب الشيعة لا أصل له قديما ، وإنّما أحدثه ابن الراوندي وهشام بن الحكم ونحوهما من المتأخّرين عن العصر الأوّل ، وما صرّح به الشارح ابن أبي الحديد في (شرح النهج) (٣) من أن المراد بالشيعة في الأخبار التي وردت من طرق أهل السنة بتفضيل (٤) الشيعة ومدحهم ، إنّما هم التفضيلية ، أي القائلين بتفضيل علي بن أبي طالب عليهالسلام على من تقدّمه ، مع قولهم بإمامة المتقدّمين ، كما هو مذهب جملة من المعتزلة ، منهم الشارح المذكور (٥) ، فإنه لو صحّ ما يدّعونه ، فأي وجه يحمل عليه فعل معاوية وبني امية بالشيعة من هذه الأفعال الشنيعة ، والمجاهرة ببغض علي عليهالسلام وأهل بيته وسبّهم وثلبهم؟! وهذا بحمد الله ظاهر لا يستره ساتر.
ومنها الدلالة على ما كان عليه معاوية وبنو اميّة من التظاهر ببغض علي وأولاده وأهل بيته ، مع ما ورد في حقهم بروايات أهل السنّة المتفق عليها : أن حب علي إيمان ، وبغضه كفر ونفاق (٦) ، وهي مستفيضة ، مع أن معاوية وبني أميّة
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١١ : ٤٤ ـ ٤٦.
(٢) في «ح» بعدها : المصيب.
(٣) شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) ١ : ٧ ـ ٩.
(٤) في «ق» بعدها : أهل ، وما أثبتناه وفق «ح».
(٥) شرح نهج البلاغة ١ : ٩.
(٦) مسند أحمد بن حنبل ٦ : ٢٩٢ ، صحيح مسلم ١ : ٨٤ / ١٣١.