الأقدمان ثقة الإسلام والصدوق ـ عطّر الله تعالى مرقديهما ـ في الصحيح ، على رواية الصدوق عن محمّد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول في رجل كان تحته أربع نسوة فطلّق واحدة ، ثم نكح اخرى قبل أن تستكمل المطلّقة العدّة قال : «فليلحقها بأهلها حتّى تستكمل المطلّقة أجلها ، وتستقبل الاخرى عدّة اخرى ، ولها صداقها إن كان دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فله ماله ، ولا عدّة عليها ، ثم إن شاء أهلها بعد انقضاء عدّتها (١) زوّجوه ، وإن شاءوا لم يزوّجوه» (٢).
وروى المشايخ الثلاثة ـ نوّر الله تعالى مضاجعهم ـ بأسانيدهم عن عنبسة بن مصعب قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل كانت له ثلاث نسوة فتزوّج عليهنّ امرأتين في عقد ، فدخل بواحدة منهما ثم مات. قال : «إن كان دخل بالمرأة التي بدأ باسمها وذكرها عند عقدة النكاح فإنّ نكاحها جائز ولها الميراث وعليها العدّة ، وإن كان دخل بالمرأة التي سمّيت وذكرت بعد ذكر المرأة الاولى فإنّ نكاحها باطل ولا ميراث لها» (٣).
وزاد في رواية (التهذيب) : «ولها ما أخذت من الصداق بما استحلّ من فرجها» (٤).
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أن ما ذكره الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ من بطلان العقد على الثانية في الاختين ، والخامسة ، وبطلان العقد على الجميع لو وقع دفعة واحدة هو الموافق لمقتضى القواعد الشرعيّة والضوابط المرعيّة ؛ لأنه متى كان الجمع في النكاح محرّما ـ وفائدة التحريم إنّما ترجع إلى بطلان النكاح ، كما عرفت من الأخبار وكلام الأصحاب ، لا إلى مجرّد الإثم ، وإن صح النكاح كما ربما يتوهّم ـ فإنّه يتعيّن الحكم حينئذ ببطلان نكاح الأخيرة ، وبطلان العقد الواقع
__________________
(١) في «ح» : مدّتها.
(٢) الكافي ٥ : ٤٣٠ / ٣ ، باب الجمع بين الاختين ، الفقيه ٣ : ٢٦٥ / ١٢٦١.
(٣) الكافي ٥ : ٤٣٠ / ٤ ، باب الجمع بين الاختين ، الفقيه ٣ : ٢٦٦ / ١٢٦٣.
(٤) تهذيب الأحكام ٩ : ٣٨٥ / ١٣٧٤.