وأمّا ما ذكره شيخنا المحدّث الصالح ونقله أيضا عن شيخه العلّامة المتقدّم ذكره من التخيير في اختيار أيّتهما شاء وطلاق واحدة ، فظنّي أنّه وقع غفلة منهما عن إعطاء التأمّل حقّه في المقام ؛ لأنّه يلزمهما القول بمثل ذلك في الاختين ، ولا أظنّهما يلتزمانه لما عرفت.
فإن قيل : إن النصوص قد وردت في مسألة الجمع بين الاختين ، ومسألة الجمع بين الامّ وابنتها ، والجمع بين الخمس ، ببطلان عقد المتأخّرة ، وحمل مسألة الجمع بين الفاطميّتين على ذلك قياس.
قلنا : قد عرفت أن الدليل قد دلّ في جميع هذه المسائل على تحريم الجمع ، ومقتضى تحريم الجمع ـ كما قدّمنا ذكره ـ هو بطلان نكاح المتأخّرة ، بل بطلان عقد الجميع من أصله لو وقع عليهنّ دفعة.
غاية الأمر أن الأخبار قد صرّحت بذلك في هذه المسائل الثلاث ، ونطقت به على اختلاف في بعض مواردها ، وأمّا في مسألة الجمع بين الفاطميّتين فلم يرد فيها ذلك. وخروج الأخبار في المسائل الثلاث مصرّحة بالبطلان ، إنّما هو من حيث العلة المشار إليها ، كما لا يخفى على من راجع روايات المسائل المذكورة ، وهي كثيرة لم نأت عليها في المقام ، والعلّة المذكورة في مسألة (١) الجمع بين الفاطميّتين موجودة بنصّ الخبر المتقدّم ، فيترتّب عليها الحكم المذكور بغير إشكال ، والله سبحانه العالم بحقيقة الحال.
هذا ما جرى به القلم في هذه الرسالة وخطر بالخاطر في هذه العجالة على تشويش من البال ، وتفاقم من الأهوال الموجبة لاضطراب الفكر والخيال ، والله سبحانه أسأل أن يهدي بها الطالبين لتحقيق الحقّ واليقين من الاخوان المؤمنين.
وكتب الفقير إلى ربّه الكريم يوسف بن أحمد بن إبراهيم البحراني ـ غفر الله له
__________________
(١) سقط في «ح».