يدعى «ذاالجناح» فاستأذنه للبراز ، وكان علي الأكبر من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً ، فنظر إليه الحسين عليهالسلام نظر آيس وأرخى عينيه بالدموع وأطرق برأسه لئلّا يراه العدو فيشمت به ، ثم رفع رأسه مشيراً بسبابتيه إلى السماء وقال :
«اللَّهم اشهد عليهم فقد برز إليهم أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا على هذا الصبي ، اللّهمّ امنعهم بركات الأرض وفرّقهم تفريقا ، ومزّقهم تمزيقاً ، واجعلهم طرائق قدداً ، ولا ترضي الولاة عنهم أبداً ، فإنّهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا»
قال : وصاح بعمر ابن سعد : ويلك يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي (١) ، ولا بارك الله لك في أمرك ، وسلّط الله عليك من يذبحك على فراشك ؛ ثم تلا قوله تعالى : (إِنّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
قال الراوي : فكأنما علم الرخصة من أبيه فحمل على القوم وجعل يرتجز ويقول :
أنا علي بن الحسين بن علي |
|
نحن وبيتِ الله أولى بالنبي |
أضربكم بالسيف أحمى عن أبي |
|
ضرب غلام هاشمي علوي |
* * *
__________________
(١) كما قدمنا آنفاً لأنّ اُم ليلى واُم عمر بن سعد أخوات ، لذا خاطبه الحسين عليهالسلام : قطع الله رحمك كما قطعت رحمي.
(فائدة) : وإنّما جعل يوم الثامن مخصوصاً بعلي الأكبر ويلقى مصرعه فيه لأنّه جاء بالماء يوم الثامن من المحرم كما أنّ العباس جاء بالماء يوم السابع ، وكما أن برير جاء بالماء يوم التاسع ، انتهى.