وولّى هارباً (١). فنادى ابن سعد لعنه الله : أما فيكم مَنْ يذبح الحسين ويأتيني برأسه؟!
فغضب الشمر وأقبل إلى الحسين ، وكان الحسين يُغمى عليه تارة ويفيق أُخرى ، فجاء إليه اللعين وتربّع على صدره ، أفاق الحسين عليهالسلام من غشوته وفتح عينيه ، وإذا بالشمر جاثٍ على صدره ، فقال له الحسين عليهالسلام : «يابن ذي الجوشن أتعرفني مَنْ أنا؟!». قال : نعم ، أعرفك ، جدّك المصطفى ، أبوك المرتضى ، أُمّك الزهراء ، أخوك الحسن ، أقتلك ولا أُبالي (٢). فقال له الحسين عليهالسلام : «أجل ، اسقني قطرة من الماء فقد تفتّت كبدي من الظماء». فقال اللعين : بل أسقيك كأس الحمام (٣). ثمّ وضع اللعين سيفه على رقبة الإمام ، وأراد أن يحزّ نحره فلم يعمل السيف ، فقيل له : ويلك هذا موضع شمّ رسول الله! اقلبه على وجهه ، فقلب الحسين على وجهه.
وأقبل الشمر والهنديّ في يده |
|
فكان ما كان من إنفاذٍ مسطور |
وكان كلّما قطع عرقاً صاح الحسين : « واجداه وا محمداه ».
قال الراوي أدركت الحوراء زينب أخاها وشمر يحزّ نحره ، فجعلت
_________________
(١) نعم ، لا مبالغة في هذا ، فهؤلاء أرباب المقاتل يقولون ما نصّه : «وكلّما انتهي رجلٌ من الناس إليه ـ أي إلي الحسين عليهالسلام ـ انصرف عنه» وقالوا أيضاً بعد كلام : «وقد تاواه الناس» كلّ ذلك خوفاً وفرقاً منه عليهالسلام ، يقول السيد حيدر الحلّي ولقد أحسن كلّ الإحسان :
عفيراً متي عافيته الكماة |
|
يختطف الرعبُ ألوانها |
فما أجلت الحربُ عن مثله |
|
صريعاً يجبّن شجاعتها |
(٢) مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٣٧.
(٣) أسرار الشهادة للدربندي : ٤٢٦.