تمانعه وتوبّخه ، وربما تتوسّل به ، وتقسم عليه بجدّها رسول الله صلىاللهعليهوآله (١) ، فقام إليها اللعين وضربها ، فخرّت مغشيّاً عليها ، فلمّا أفاقت من غشوتها رأت رأس أخيها الحسين عليهالسلام (٢) على رأس رمح طويل ، والمنادي ينادي بين السماء والأرض : قُتل الإمام ابن الإمام أخو الإمام أبو الأئمّة (٣) ، وكُسفت الشمس ، وتزلزلت الأرض ، وهبّت عجاجة سوداء مظلمة ، وأخذت الناس الدهشة.
ولمّا قطع الشمر رأسه دفعه إلى خولي ؛ ليوصله إلى ابن سعد ، ثمّ أقبلوا على سلب الحسين ؛ فأخذ قميصه إسحاق بن حوية ، وأخذ سراويله بحر بن كعب ، وأخذ عمامته الأخنس الحضرمي ، وأخذ نعليه الأسود بن خالد ، وأخذ خاتمة بجدل بن سليم الكلبي وقطع أصبعه مع الخاتم ، وأخذ قطيفة كانت له من خزّ قيس بن الأشعث ، وأخذ درعه البترآء عمر بن سعد ، وأخذ سيفه جميع بن الخلق الأزدي ، وقيل : من بني دارم ـ وهؤلاء كلّهم انتقم الله منهم شرّ انتقام (٤) ، وصاح الشمر عَليَّ بالنار ؛ لأحرق المخيّم ، فهجموا على المخيّم وأشعلوا النار فيها ؛ فخرجن الفاطميات ناشرات الشعور ، لاطمات الخدود ، مشقّقات الجيوب ، ينادين : وا ضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله ، وجعل القوم ينتزعون الملاحف من على
_________________
(١) قال المغفور له الحاج هاشم الكعبي رحمهالله في إحدي قصائده العامرة :
وجاءت لشمرٍ زينبُ ابنةُ فاطم |
|
تعنّفه عن أمره وتُعذّلُ |
تدافعهُ بالكف طوراً وتارةً |
|
إليه بطه جدّها تتوسّل |
أيا شمرُ لا تعجل علي ابن محمّدٍ |
|
فذو ترةٍ في مثله ليس يَعجلُ |
أيا شمر هذا حجّةُ الله في الورى |
|
أعد نظراً يا شمرُ إن كنت تعفل |
فمرَّ يحزُّ النحر غير مراقب |
|
من الله لا يخشي ولا يتوجّلُ |
(٢) أسرار الشهادة : ٤٢٩.
(٣) الإيقاد : ١٣٥.
(٤) انظر بحار الأنوار : ٤٥ / ٥٧ وما بعدها.