ظهور الفاطميات (١) وهنّ يلذن بعضهنّ ببعض ، ومنادي القوم ينادي : احرقوا بيوت الظالمين. قال : وجئن النسوة إلى مصرع الحسين عليهالسلام.
فواحدةٍ تحنو عليه تضمه |
|
وأُخرى عليه بالرداءِ تظلّلُ |
وأُخرى بفيضِ النحرِ تصبغُ وجهها |
|
وأُخرى لما قد نالها ليس تعقل (٢) |
فائدة : وفي كتب بعض العلماء قال : إنّه لمّا خمدت النيران يوم عاشوراء افتقدت زينب الأطفال ففقدت طفلتين للحسين ؛ فجعلت تدور في المعركة إلى أن وصلت إلى تلّ من الرمل ، وجدت الطفلتين قد كشفتا عن صدريها ، وقد حفرتا الأرض وجعلتا صدريها على الرمل الرطب من شدّة العطش ، حركتهما وإذا بهما ميّتين. صاحت : يا أُمّ كلثوم! ويا فضّة! هلمن لنحملنّهما ، فحملنهنّ إلى السجّاد وصحن صيحة واحدة ، فاندهش العسكر. فسأل عمر بن سعد : ما الخبر؟ قالوا له : طفلتين ماتتا من العطش. فاجتمع رؤساء عسكره عنده وجعلوا يوبّخونه ويلومونه على منعه : ويلك! إن لم تسقِ الأطفال الماء يهلكوا عن آخرهم. فأمر السقائين أن يحملوا القرب ، ويعرضوا عليهم الماء فأمر أربعمئة سقّاء فحملوا القرب ، وجاؤوا بها إلى الأطفال والعيال [وهم] ينادون : هلمّوا واشربوا الماء. فلمّا رأوا الأطفال الماء وقد أُبيح لهم ، تصارخوا وهرعوا في البيداء ينادون : نحن لا نشرب الماء وسيّدنا قُتل عطشانا. انتهى.
فائدة : ولقد رأوا ذلك اليوم شخصاً عليه طمار بيض يصرخ ويبكي ، فقالوا له : أجُننت؟! قال : ما جُننت ، ولكنّي أرى ما لا ترون ، أرى رسول الله واقفاً
__________________
(١) انظر أمالي الشيخ الصدوق : ٢٢٨.
(٢) من قصيدةٍ عصماء لا زالت تُردّد من على صهوات المنابر للمغفور له الشيخ هاشم الكعبي رضوان الله عليه ومطلعها :
أما طلل يا سعدُ هذا فتسأل |
|
تزال فهذي الدار إن كنت تنزل |