إذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، فخذهما بالبيعة ، فان امتنعا فاضرب عنقيهما ، وابعث إليّ برأسيهما ، وخذ الناس بالبيعة ، فمن امتنع فانفذ فيه الحكم ، وفي حسين بن علي وعبدالله ابن الزبير ، والسلام (١).
فلما وصل اليه الكتاب بعث على مروان بن الحكم ، فأحضره واستشاره في أمر هؤلاء الأربعة ، فقال له مروان : الرأي أن ترسل إليهم في الليل ، وتدعوهم إلى البيعة ، فإن فعلوا فذاك ، وإلّا فاضرب عنقهم. ولمّا جنّ الليل أنفذ الوليد إليهم رسولاً ، فذكر له أنهم مجتمعون عند قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجاء إليهم وقال لهم : إنّ الأمير يدعوكم ؛ فقالوا له : انصرف ، نحن نأتي خلفك. فلمّا أنصرف الرسول قال ابن الزبير للحسين عليهالسلام : يابن رسول الله أتدري ماذا يريد منا الوليد؟ قال عليهالسلام : نعم إنّ معاوية قد مات ، وقد خلف نغله يزيد من بعده ، وولاه الأمر ، وقد وجّه في طلبكم ليأخذ منكم البيعة له ، فما أنتم قائلون؟ فقال عبد الرحمن ابن بي بكر : أما أنا فأدخل داري وأغلق عليَّ الباب ولا أبايعه ؛ وقال عبد الله بن عمر : أما أنا فعليَّ بقرآءة القرآن ولزوم المحراب ؛ وقال ابن الزبير : أما أنا فلا اُبايع ، حتى يصير السيف والرمح بيني وبينه ؛ وقال الحسين عليهالسلام : أما أنا فأجمع فتيتي وأتركهم بباب الدار وأدخل على الوليد ، فأناظره ويناظرني ، وأطالب بحقّي.
قال الراوي : ثم تفرّقا ، وجاء الحسين عليهالسلام إلى داره وجمع مواليه وإخوته ، وهم تسع عشر ، وخرج حتى وافى دار الوليد ، فقال لإخوته : أنا داخل على هذا الرجل فاجلسوا أنتم على الباب ، فإن سمعتم صوتي قد علا فهجموا عليه لتمنعوه عنّي ؛ ثم دخل عليه فوجد عنده مروان بن الحكم ، فقام الوليد إجلالاً له ، ورحّب به وأجلسه إلى جنبه ، ثم أخرج إليه كتاب يزيد ، ونعى إليه معاوية ، ودعاه إلى
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٩.