المال وسيلة لا مقصد فيفتنّ في الوصول إليه الفنون المختلفة ، والطرق التي تعنّ له ، ولا يبالى أمن حلال كسب أم من حرام؟
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قوله صلى الله عليه وسلم «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى أن يكون لهما ثالث ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب».
ولقد أعمت فتنة المال كثيرا من الناس فشغلتهم عن حقوق الله وحقوق الأمة والوطن ، بل عن حقوق من يعاملهم ، بل عن حقوق بيوتهم وعيالهم ، بل عن أنفسهم ، ومنهم من يقصر في النفقة على نفسه وعياله بالقدر الذي يزرى بمروءته ، فيظهر بمظهر المسترذل بين الناس في مأكله ومشربه وملبسه ، ومنهم من يثلم شرفه ويفتح ثغرة للطاعنين والقائلين فيه بالحق وبالباطل لأجل المال. ومن ثم قالوا : المال ميّال.
(ورابعها) الخيل المسوّمة التي ترعى في الأودية ، يقال سام الدابة : رعاها ، وأسامها : أخرجها إلى المرعى ، كما قال تعالى : «وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ».
وقال ابن جرير : المسوّمة : المعلّمة من السّومة وهى العلامة. قال النابغة :
بسمر كالقداح مسوّمات |
|
عليها معشر أشباه جنّ |
وكل من الخيل الراعية التي تقتنى للتجارة ، والمعلمة المطهّمة التي يقتنيها العظماء والأغنياء ـ من المتاع الذي يتنافس فيه الناس ويتفاخرون ، حتى لقد يتغالى بعضهم فى ذلك إلى حد هو أشبه بالجنون.
(وخامسها) الأنعام وهى مال أهل البادية ومنها تكون ثروتهم ومعايشهم ومرافقهم ، وبها تفاخرهم وتكاثرهم ، وقد امتنّ الله بها على عباده بقوله : «وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ. وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ».