وفي ذلك تعيير لهم بالبلادة وجمود القريحة وتوبيخ لهم على العناد وقلة الإنصاف (فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا) أي فإن أسلموا هذا الإسلام الذي هو روح الدين ، فقد فازوا بالحظ الأوفر ونجوا من مهاوى الضلال ، فإن إسلامهم على هذا الوجه يستتبع اتباعك فيما جئت به ، لأن من هذه حاله فهو مستنير القلب متجه إلى طلب الحق ، فهو أقرب الناس إلى قبوله متى لاح له وظهر.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) أي وإن أعرضوا عن الاعتراف بما سألتهم عنه فلن يضيرك ذلك شيئا إذ ما عليك إلا البلاغ ، وقد أديته على أتم وجه وأكمله.
(وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) فهو أعلم بمن طمس على قلبه وجعل على بصره غشاوة ، فوقع اليأس من اهتدائه ، وبمن يرجى له الهداية والتوفيق بعد البلاغ.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٢))
تفسير المفردات
المراد بالذين يكفرون هم اليهود خاصة ، وقوله بغير حق أي بغير شبهة لديهم ، وحبط العمل بطل ، والبشارة والبشرى الخبر السار تنبسط له بشرة الوجه ، واستعمالها فى الشر جاء على طريق التهكم والسخرية.
المعنى الجملي
بعد أن بين في الآيات السابقة حقيقة الدين الذي يقبله الله ، وأنه الإسلام لوجهه تعالى ، وذكر أن اختلاف أهل الكتاب فيه إنما نشأ من البغي بعد أن جاءهم