(إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٦١) إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣))
تفسير المفردات
المثل : الحال الغريبة والشأن البديع ، والامتراء : الشكّ ، والبهلة (بالضم والفتح) اللعنة والدعاء ، يقال ماله بهله الله : أي لعنه ، ثم شاع استعماله في مطلق الدعاء ، يقال فلان يبتهل إلى الله في حاجته : أي يدعوه ، والقصص : تتبع الأثر ، ومنه قوله تعالى : «وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ» أي تتبعى أثره ثم استعمل في الكلام والحديث ، لأن القاصّ يتبع المعاني ليوردها ، والعزيز : أي ذو العزة الذي لا يغالبه أحد ، والحكيم : ذو الحكمة التي لا يساميه فيها أحد
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه فيما سلف قصص عيسى وأمه وما جاء به ، وكفر بعض قومه به ، ورميهم أمه بالزنا ، وإيمان بعض آخر به.
أردف ذلك ذكر حال فريق ثالث لم يكفر به ، ولم يؤمن به إيمانا صحيحا ، بل افتتن به افتتانا ، لكونه ولد من غير أب ، فزعم أن معنى كونه (كلمة الله وروح الله) أن الله حل في أمه ، وأن كلمة الله تجسدت فيه فصار إنسانا وإلها ، فضرب مثلا ليردّ به على الفريقين الكافرين به من اليهود ، والمفتونين به من النصارى.