فى الأرض من تحت ، وما في الماء من تحت الأرض ، لا تسجد لهنّ ولا تعبدهنّ) وكذلك جاء عيسى بمثل هذا ، ففى إنجيل يوحنا (وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع المسيح الذي أرسلته) وجاء خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم بمثل هذا «اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ».
وخلاصة المعنى ـ أنا وأنتم نعتقد أن العالم من صنع إله واحد هو خالقه والمدبر له ، وهو الذي يرسل إلينا أنبياءه ليبلغونا عنه ما يرضيه من العمل وما لا يرضيه فهلمّ بنا نتفق على إقامة هذه الأصول ، ونرفض الشبهات التي تعرض لها ، فإذا جاءكم عن المسيح شىء فيه (ابن لله) أوّلناه على وجه لا يخالف الأصل الذي اتفق عليه الأنبياء ، لأننا لا نجد المسيح فسر هذا القول بأنه إله يعبد ، ولا دعا إلى عبادته وعبادة أمه ، بل كان يدعو إلى عبادة الله وحده والإخلاص له.
وقد كان اليهود موحدين ، ولكن كان منبع شقوتهم اتباعهم لرؤساء الدين فيما يقررون من الأحكام ، وجعله بمنزلة الأحكام المنزلة من عند الله ، وسار النصارى على هذا المنوال ، وزادوا مسألة غفران الخطايا ، وهى مسألة كان لها أثر خطير فى المجتمع المسيحي حتى بلغ من أمرها أن ابتلعت الكنائس أكثر أموال الناس ، فقامت طائفة جديدة تطلب الإصلاح وهى فرقة (البر وتستانت) وقالت دعونا من هؤلاء الأرباب وخذوا الدين من الكتاب ولا تشركوا معه شيئا سواه من قول فلان وفلان.
روى عدى بن حاتم قال : «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقى صليب من ذهب ، فقال يا عديّ اطرح عنك هذا الوثن ، وسمعته يقرأ في سورة براءة «اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ» فقلت له : يا رسول الله لم يكونوا يعبدونهم ، فقال : أما كانوا يحللون لكم ويحرّمون ، فتأخذون بأقوالهم؟ قال نعم ، فقال عليه السلام : هو ذاك».