عدوهم فاختار لهم طالوت ملكا ، فجيّش الجيوش وذهب بهم إلى ساحة القتال ، وكتب لهم الظفر على العدوّ بإذن الله ، وقتل داود ـ وكان في عسكر طالوت ـ جالوت وانهزم العدو وولّى الأدبار ، وكان الفوز للمؤمنين على الوثنيين الكافرين.
وما تمّ هذا إلا بفضل داود الذي آتاه الله الملك والنبوة ، وعلّمه كل ما ينفع من عتاد الحرب كالدروع والآلات الأخرى.
ثم ذكر بعد هذا أنه لو لا فضل الله ورحمته وسابق حكمته بأن يدفع أهل الخير والإصلاح في الأرض أهل الفساد والشرور والآثام فيها لا ختل نظام العالم وفسد أمره.
وبعدئذ ذكر أن ذلك القصص الذي تلاه على رسوله قصص أمم قد خلت لم يكن له سابق علم بحالها من قبل ، فمعرفته إياها لم تكن إلا بوحي من لدن حكيم خبير ، وهذا دليل على أنه من المرسلين.
وهنا ذكر أن أولئك المرسلين قد ميز الله بعضهم على بعض ، فآتى بعضا مزايا ومناقب ليست لغيره كما فصل ذلك في الآية الكريمة ، وقد خص بالذكر من بقي لهم أتباع ، وذكر ما كان من أمر أتباعهم من بعدهم في الاختلاف والاقتتال.
الإيضاح
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي هؤلاء الرسل المشار إليهم بقوله : «وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ» فضلنا بعضهم على بعض في مراتب الكمال ، فخصصناه بمآثر جليلة خلا عنها غيره ، مع استوائهم جميعا في اختياره تعالى لهم للتبليغ عنه وهداية خلقه إلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة.
وخلاصة هذا ـ إنهم كلهم رسل الله ، فهم جديرون أن يقتدى بهم ويهتدى بهديهم ، وإن امتاز بعضهم عن بعض بخصائص في أنفسهم وفي شرائعهم وأممهم.
ثم بين هذا التفضيل في بعض المفضلين فقال :