إرادته تعالى فلا مرد له ، فإن أراد الله التوفيق لبعض عباده آمن به وأطاعه ، وإن أراد الخذلان لبعض آخر كفر به وعصاه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤))
تفسير المفردات
المراد باليوم هنا يوم الحساب ، لا بيع فيه : أي لا فداء فيتدارك المقصّر تقصيره ، ولا خلّة : أي ولا صداقة ولا مودة بنافعة ، والمراد بالكافرين تاركو الزكاة ، والظالمون : هم الذين وضعوا المال في غير موضعه وصرفوه في غير وجهه.
المعنى الجملي
كان الكلام قبل هذا فيما كان من الرسل ، ومن أقوامهم بعدهم من الاختلاف والاقتتال ـ وهنا عاد إلى الأمر بالإنفاق بأسلوب آخر غير ما تقدم ، فالأول كان خطابا بالترغيب لمن لطف وجدانه وشعوره ، وبلغ في مراتب الكمال منازل الصديقين ، ولكن الأكثرين من الناس يفعل في نفوسهم الترهيب أكثر مما يفعل فيهم الترغيب ، فهم لا ينفقون في سبيل الله إلا خوفا من العقاب ، أو طمعا في الثواب ، وقد يجول بخاطر بعض الضعفاء أن يركنوا إلى شفاعة تغنى عن العمل ، أو فدية تقى صاحبها عاقبة ما كان منه من الزلل ، أو خلة بها يسامح صاحب الكبيرة مما ألمّ به من الخطل ـ فمثل هؤلاء يخاطبون بنحو ما في هذه الآية.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) الإنفاق هنا يشمل الإنفاق الواجب بالزكاة ، والإنفاق المستحب أيضا.