كمل به الإسلام ـ وأنه لا ينبغى للمؤمنين أن يكثروا عليه من السؤال ، لئلا يكون ذلك سببا لكثرة التكاليف التي يشق على الأمة احتمالها ، فيسرع إليها الفسوق عن أمر ربها.
روى أن هذه الآية نزلت من جرّاء أن قوما كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم امتحانا له أحيانا ، واستهزاء أحيانا أخرى ، فيقول له بعضهم من أبي؟ ويقول بعضهم إذا ضلت ناقته أين ناقتى؟ ونحو ذلك.
روى أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وغيرهم عن أنس بن مالك قال : «خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها وقال فيها : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، قال فغطّى أصحاب رسول الله وجوههم. لهم حنين وبكاء مرتفع من الصدر ، فقال رجل من أبي؟ قال فلان فنزلت هذه الآية (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ)» وروى ابن جرير عن قتادة فى قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الآية. قال فحدّثنا أن أنس بن مالك حدّثه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه حتى أحفوه بالمسألة ، فخرج عليهم ذات يوم ، فصعد المنبر فقال : (لا تسألونى اليوم عن شىء إلا بينته لكم) فأشفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون بين يدى أمر قد حضر ، فجعلت لا ألتفت لا يمينا ولا شمالا إلا وجدت كل رجل لافّا رأسه فى ثوبه يبكى ، فأنشأ رجل كان يلاحى فيدعى إلى غير أبيه ، فقال : يا نبيّ الله من أبى؟ قال : (أبوك حذافة) قال ثم قام عمر فقال : رضينا با لله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا أعوذ با لله من شر الفتن. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم أر فى الخير والشر كاليوم قط ، صوّرت لى الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط».
قال الزهري : فقالت أمّ عبد الله بن حذافة : ما رأيت ولدا أعق منك ، أكنت تأمن أن أمك قد قارفت ما قارف أهل الجاهلية فتفضحها على رءوس الناس؟ فقال والله لو ألحقنى بعبد أسود للحقته.