المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه ضروبا من مخازى المنافقين كتخلفهم عن غزوة تبوك وتعلقهم لذلك بالأيمان الفاجرة ـ ذكر هنا ضروبا أخرى من تلك المثالب كتهكمهم بالقرآن وتسللهم لو إذا حين سماعه ، وهذا آخر ما نزل مما يبين تأثير القرآن فيهم وفى المؤمنين.
الإيضاح
(وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) أي وإذا أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم سورة من سور كتابه الكريم ، فمن المنافقين من يقول لإخوانه على سبيل الاستهزاء هذه المقالة ليثبتوا على النفاق ، أو يقول لمن يلقاه من المؤمنين مشكّكا لهم : (أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ) السورة (إِيماناً) أي يقينا بحقية القرآن والإسلام وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، أي أيكم زادته تصديقا جازما مقترنا بإذعان النفس وخضوعها ، وأشعرته بلزوم العمل بها لتيقنه بصدق الرسول الذي أنزلت عليه.
والإيمان على هذا النحو يزيد بنزول القرآن فى عهد الرسول ولا سيما من يحضر نزوله ويسمعه منه ، وكذا يزيد بسماعه من غيره فى قلب المؤمن قوة إذعان ورغبة فى العمل والقرب من الله.
قال تعالى مجيبا عن هذا السؤال مبينا حالهم وحال المؤمنين فقال :
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) أي فأما المؤمنون فيزيدهم نزول القرآن زيادة اليقين واطمئنان القلب ، ويزيدهم قوة فى العمل به والتقرب إلى ربهم ، وهم يستبشرون بنزولها لما يرجون من خير هذه الزيادة ، بتزكية أنفسهم وسعادتهم فى الدنيا والآخرة.
(وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) أي وأما الذين فى قلوبهم شك وارتياب دعاهم إلى النفاق بإسرار الكفر وإظهار