(ثُمَّ انْصَرَفُوا) أي ثم انصرفوا جميعا عن مجلس الوحى متسللين لواذا كراهة منهم لسماعه وانتظارا لسنوح فرصة الغفلة عنهم ، فكلما لمح أحد منهم غفلة عنه انصرف.
(صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) أي صرف الله قلوبهم عن الإيمان الصادق والاسترشاد بآيات كتابه إلى ما فى ملكوت السموات والأرض من دلائل قدرته.
وهذه الجملة : إما إخبار بذلك ، أو دعاء عليهم به ، والمآل فى هذه واحد فى كلامه تعالى.
(بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أي ذلك الصرف بسبب أنهم قوم فقدوا فهم الحقائق وما يترتب عليها من الأعمال ، فلا يفقهون ما يسمعون من الآيات لعدم تدبرها والتأمل فى معانيها مع موافقتها للعقل وهدايتها إلى الحق والعدل. لأنهم وطّنوا أنفسهم على الإعراض عن كل ما جاء به من غير بحث ولا تأمل ، أحق هو أم باطل ، أخير هو أم شر؟ وأنى لمثل هؤلاء ـ وتلك حالهم ـ أن يهتدوا بنزول الآيات والسور؟.
(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٢٨) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩))
تفسير المفردات
من أنفسكم : أي من جنسكم ، وعزيز : أي شاقّ ، والعنت : المشقة ولقاء المكروه الشديد ، والحرص : شدة الرغبة فى الحصول على مفقود ، وشدة عناية بموجود ، والرأفة : الشفقة ، والرحمة : الإحسان.