فإنى لا أملك لك ضرا ولا نفعا ، ألا إن لكم رحما وسأبلّها ببلالها ـ يريد : أصلكم فى الدنيا ولا أغنى عنكم من الله شيئا».
وفى الحديث والآية دليل على أن القرب فى الأنساب ، لا ينفع مع البعد فى الأسباب ، وعلى جواز صلة المؤمن والكافر وإرشاده ونصحه بدليل قوله : إن لكم رحما سأبلها ببلالها.
وروى مسلم قوله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسى بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودىّ ولا نصرانى ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار».
وبعد أن أمره بإنذار المشركين من قومه أمره بالرفق بالمؤمنين فقال :
(٣) (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي ألن جانبك ، وترفّق بمن اتبعك من المؤمنين ، فإن ذلك أجدى لك ، وأجلب لقلوبهم ، وأكسب لمحبتهم ، وأفضى إلى معونتك ، والإخلاص لك.
(فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) أي فإن عصاك من أنذرتهم من العشيرة فلا ضير عليك ، وقد أديت ما أمرت به ، ولا عليك إثم مما يعملون ، وقل لهم إنى برىء منكم ومن دعائكم مع الله إلها آخر ، وإنكم ستجزون بجرمكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
(٤) (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ. الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) أي وفوّض جميع أمورك إلى القادر على دفع الضرّ عنك ، والانتقام من أعدائك الذين يريدون السوء بك ، الرحيم بك إذ نصرك عليهم برحمته وهو الذي يراك حين تقوم للصلاة بالناس ، ويرى تغيرك من حال كالجلوس إلى حال كالقيام فيما بين المصلين إذا كنت لهم إماما ، وفى الخبر «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
وعبر عن المصلين بالساجدين ، لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد. ثم أكد ما سلف بقوله :
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي إنه هو السميع لأقوال عباده ، العليم بحركاتهم