(أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً) أي أولئك المتصفون بصفات الكمال ، الموسومون بفضائل الأخلاق والآداب ، يجزون المنازل الرفيعة ، والدرجات العالية ، بصبرهم على فعل الطاعات ، واجتنابهم للمنكرات ، ويبتدرون فيها بالتحية والإكرام ، ويلقّون التوفير والاحترام ، فلهم السلام وعليهم السلام.
ونحو الآية قوله : «والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب ، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار».
ثم بين أن هذا النعيم دائم لهم لا ينقطع فقال :
(خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) أي مقيمين فيها لا يظعنون ولا يموتون ، حسنت منظرا ، وطابت مقيلا ومنزلا.
ونحو الآية قوله : «وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ».
ولما شرح صفات المتقين وأثنى عليهم أمر رسوله أن يقول لهم :
(قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) أي قل لهؤلاء الذين أرسلت إليهم : إن الفائزين بتلك النعم الجليلة التي يتنافس فيها المتنافسون ، إنما نالوها بما ذكر من تلك المحاسن ، ولولاها لم يعتد بهم ربهم ، ومن ثم لا يعبأبكم إذا لم تعبدوه ، فما خلق الإنسان إلا ليعبد ربه ويطيعه وحده لا شريك له كما قال : «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ».
(فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) أي أما وقد خالفتم حكمى ، وعصيتم أمرى ، ولم تعملوا عمل أولئك الذين ذكروا من قبل وكذبتم رسولى ، فسوف يلزمكم أثر تكذيبهم ، وهو العقاب الذي لا مناص منه ، فاستعدوا له ، وتهيئوا لذلك اليوم ، فكل آت قريب.
وخلاصة ذلك ـ لا يعتد بكم ربى لو لا عبادتكم إياه ، أما وقد قصر الكافرون منكم فى العبادة ، فسيكون تكذيبهم مفضيا لعذابهم وهلاكهم فى الدنيا والآخرة.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصل ربنا على محمد وآله.