(قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) أي قال بعضهم لبعض فى أثناء المشاورة فى أمر صالح عليه السلام بعد أن عقروا الناقة وتوعّدهم بقوله : «تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ» احلفوا لنباغتّنه وأهله بالهلاك ليلا ثم لنقولن لأولياء الدم ، ما حضرنا هلاكهم ، ولا ندرى من قتله ولا قتل أهله. ونحلف إنا لصادقون فى قولنا.
وإذا كانوا لم يشهدوا هلاكهم فهم لم يقتلوهم بالأولى ، وأيضا فهم إذا لم يقتلوا الأتباع فأحربهم ألا يقتلوا صالحا.
قال الزجاج : كان هؤلاء النفر تحالفوا أن يبيّتوا صالحا وأهله ثم ينكروا عند أوليائه أنهم ما فعلوا ذلك ولا رأوه ، وكان هذا مكرا منهم ، ومن ثم قال سبحانه محذّرا لهم ولأمثالهم.
(وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي وغدر هؤلاء التسعة الرهط الذين يفسدون فى الأرض بصالح ، إذ صاروا إليه ليلا ليقتلوه وأهله وهو لا يشعر بذلك ، فأخذناهم بعقوبتنا ، وعجلنا لهم العذاب من حيث لا يشعرون بمكر الله بهم.
ثم بين ما ترتب على ما باشروه من المكر بقوله :
(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) أي ففكر كيف آل أمرهم ، وكيف كانت عاقبة مكرهم ، فقد أهلكناهم وقومهم الذين لم يؤمنوا على وجه يقتضى النظر ، ويسترعى الاعتبار ، ويكون عظة لمن غدر كغدرهم فى جميع الأزمان.
روى أنه كان لصالح فى الحجر مسجد فى شعب يصلى فيه ، فقالوا زعم صالح أنه يفرغ منا إلى ثلاث ، فنحن نفرغ منه ومن أهله قبل الثلاث ، فذهبوا إلى الشعب ليقتلوه ، فوقعت عليهم صخرة من جبالهم طبّقت عليهم الشعب فهلكهوا وهلك الباقون فى أماكنهم بالصيحة ، ونجّى الله صالحا ومن آمن معه.
ثم أكد ما تقدم وقرره بقوله :