وخلاصة ذلك ـ خذوا كما تعطون ، وأعطوا كما تأخذون.
(وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) أي وزنوا بالميزان السوي العدل ، وقد جاء فى سورة المطففين مثل هذا مع التحذير منه فقال : «وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ، الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا ، عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ، وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ، أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ».
ثم عمم النهى عن البخس فى كل حق فقال :
(وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) أي ولا تنقصوا الناس حقهم فى كيل أو وزن أو غيرهما كالمذروعات والمعدودات كأخذ بيض كبير وإعطاء بيض صغير ، وإعطاء رغيف صغير وأخذ رغيف كبير وهكذا.
ثم نهاهم عن جرم أعظم شأنا وأشد خطرا ، وهو الفساد فى الأرض بجميع ضروبه وأشكاله فقال :
(وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي ولا تكثروا فيها الفساد بالقتل والغارة وقطع الطريق والسلب والنهب ونحوها.
وبعد أن نهاهم عن ذلك خوّفهم سطوة الجبار الذي خلقهم وخلق من قبلهم ممن كانوا أشد منهم بطشا وعتوّا فقال :
(وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) أي وخافوا بأس الله الذي خلقكم من العدم للإصلاح فى الأرض ، وخلق من قبلكم ممن كانوا أشد منكم قوة وأكثر مالا ، كقوم هود الذين قالوا من أشد مناقوة ، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، وقد تمخض هذا النصح عن شيئين : القدح فى رسالته أولا ، واستصغار الوعيد ثانيا.
(١) (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) أي ما أنت إلا ممن سحر عقله مرة بعد أخرى ، فصار كلامه جزافا لا يعبّر عن حقيقة ، ولا يصيب هدف الحق.
(وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) فما وجه تفضيلك علينا وإرسالك رسولا إلينا.