أنزله إليك ، لم تتقوّله أنت ولا أحد من خلقه ، إذ لا يستطيع ذلك مخلوق ولو تظاهر معه الجن والإنس.
والمراد بالكتاب المبين : القرآن ، وعطفه عليه كعطف إحدى الصفتين على الأخرى كما يقال هذا فعل السخي والجواد الكريم.
(هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) أي هى تزيد المؤمنين هدى على هداهم كما قال : «فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» وهى تبشرهم برحمة من الله ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم.
ولما كان وصف الإيمان خفيا ذكر ما يلزمه من الأمور الظاهرة فقال :
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) أي إن المؤمنين حق الإيمان هم الذين يعملون الصالحات ، فيقيمون الصلاة المفروضة على أكمل وجوهها ، ويؤدون الزكاة التي تطهّر أموالهم وأنفسهم من الأرجاس ، ويوقنون بالمعاد إلى ربهم ، وأن هناك يوما يحاسبون فيه على أعمالهم خيرها وشرّها ، فيذلّون أنفسهم فى طاعته ، رجاء ثوابه وخوف عقابه.
وليسوا كأولئك المكذبين به الذين لا يبالون. أحسنوا أم أساءوا ، أطاعوا أم عصوا ، لأنهم إن أحسنوا لا يرجون ثوابا ، وإن أساءوا لم يخافوا عقابا.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٥))
تفسير المفردات
يعمهون : أي يتحيرون ويترددون فى أودية الضلال ، الأخسرون : أي أشد الناس خسرانا ، لحرمانهم الثواب ، واستمرارهم فى العذاب.