ونحو الآية قوله : «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ».
والخلاصة ـ إنهم لا يقترحون اقتراحا من فاسد مقترحاتهم ، إلا أتيناك بما يدفعه ، ويوضح بطلانه.
وبعد أن وصفوا رسوله بتلك الأوصاف السالفة تحقيرا له ـ سلاه على ذلك ، وطلب إليه أن يقول لهم.
(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً) أي إنى لا أقول لكم كما تقولون ولا أصفكم بمثل ما تصفوننى به ، بل أقول لكم : إن الذين يسحبون إلى جهنم ويجرّون بالسلاسل والأغلال هم شر مكانا وأضل سبيلا ، فانظروا بعين الإنصاف ، وفكّروا من أولى بهذه الأوصاف منا ومنكم؟ لتعلموا أن مكانكم شر من مكاننا ، وسبيلكم أضل من سبيلنا.
وهذا على نسق قوله تعالى : «وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ».
ويسمّون هذا الأسلوب فى المناظرة بإرخاء العنان للخصم ، ليسهل إفحامه وإلزامه ، روى الترمذي عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف. صنفا مشاة وصنفا ركبانا وصنفا على وجوههم ، قيل يا رسول الله ، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم ، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك» والمراد أن الملائكة عليهم السلام تسحيهم وتجرّهم على وجوههم إلى جهنم ، أو يكون الحشر على الوجوه عباوة عن الذلة والخزي والهوان ، أو هو من قول العرب مرّ فلان على وجهه إذا لم يدر أين يذهب.
قصص بعض الأنبياء مع أممهم
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً (٣٥) فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً (٣٦)