قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير المراغي [ ج ١٩ ]

62/156
*

وفى هذا إيماء إلى عزل فرعون عن الربوبية ، وأن سبب إيمانهم ما أجراه الله على يدى موسى وهرون من المعجزات.

وبعد أن حصحص الحق ، وو صح الصبح لذى عينين ، لجأ فرعون إلى العناد والمكابرة وشرع يهدّد ويتوعد ، ولكن ذلك لم يجد فى السحرة شيئا ، ولم يزدهم إلا إيمانا وتسليما ، إذ كان حجاب الكفر قد انكشف ، واستبان لهم نور الحق ، وعلمهم ما جهل قومهم ، وأن القوة التي تؤيد موسى قوة غيبية قد أيده الله بها ، وجعلها دليلا على صدق ما يدّعى.

(قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ؟) أي قال لهم : أتؤمنون به قبل أن تستأذنو ، وقد كان ينبغى أن تفعلوا ذلك ، وألا تفتاتوا علىّ ، فإنى أنا الحاكم المطاع؟

ثم التمس لإيمانهم عذرا آخر غير انبلاج الحق ، ليعمّى على العامة ، ويصرفهم عن وجه الحق فقال :

(إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) فأنتم فعلتم ذلك عن مواطأة بينكم وبينه.

ولا شك أن هذا تضليل لقومه ، ومكابرة ظاهرة البطلان ، فإنهم لم يجتمعوا بموسى قبل ذلك اليوم ، فكيف يكون هو كبيرهم الذي أفادهم صناعة السحر.

ثم توعدهم فقال :

(فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) وبال ما فعلتم ، وسوء عاقبة ما اجترحتم.

ثم بين ذلك بقوله :

(لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) أي لأقطعنّ اليد اليمنى من كل منكم والرجل اليسرى ، ثم لأصلبنكم أجمعين بعد ذلك.

فأجابوه غير مكترثين بقوله ، ولا عابثين بتهديده ، بأمرين فى كل منهما دليل على اطمئنان النفس وبرد اليقين :