إحضار عرشها؟ فقال عفريت من الجن : أنا أفعل ذلك قبل أن تقوم من مجلس القضاء ، فقال سليمان : بل أستطيع أن أحضره فى لمح البصر وكان كما قال : فلما رآه أمامه شكر ربه على جزيل نعمه.
وهنا ذكر ما فعل سليمان من تغيير معالم العرش وتبديل أوضاعه ، ثم سؤالها عنه ليختبر مقدار عقلها ، ولتعلم صدق سليمان فى دعواه النبوة ، وتتظاهر لديها الأدلة على قدرة المولى سبحانه.
وقد كان مما أعده لنزولها قصر عظيم مبنى من الزجاج الشفاف ، فرشت أرضه بالزجاج أيضا ، وفى أسفله ماء جار فيه صنوف السمك ، فلما دخلت فى بهوه خالته لجة من الماء فكشفت عن ساقيها لتخوض فيه ، فأنبأها سليمان بأن هذا زجاج يجرى تحته الماء ، حينئذ أيقنت بأن دين سليمان هو الحق وأنها قد ظلمت نفسها بكفرها بالله ربها خالق السموات والأرض وصاحت تقول : أسلمت مع سليمان لله رب العالمين.
الإيضاح
(قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ) أي قال سليمان لجنده لما جاء عرش بلقيس : غيروا لها معالم السرير وبدّلوا أوضاعه ، لنختبر حالها إذا نظرت إليه ونرى : أتهتدي إليه وتعلم أنه هو أم لا تستبين لها حقيقة حاله؟.
ثم أشار إلى سرعة مجيها وخضوعها بقوله :
(فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ؟ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ) أي فحين قدمت واطلعت على عرشها سئلت عنه ، أعرشك مثل هذا؟ أجابت بما دل على رجاحة عقلها إذ قالت كأنه هو ، ولم تجزم بأنه هو ، إذ ربما كان مثله.
قال مجاهد : جعلت تعرّف وتنكر ، وتعجب من حضوره عند سليمان فقالت :