المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه قول أهل العلم بالدين : ثواب الله خير ـ أعقب ذلك بذكر محل هذا الجزاء ، وهو الدار الآخرة ؛ وجعله لعباده المؤمنين المتواضعين ، الذين لا يترفعون على الناس ، ولا يتجبرون عليهم ، ولا يفسدون فيهم ، بأخذ أموالهم بغير حق ، ثم بين بعدئذ ما يحدث فى هذه الدار ؛ جزاء على الأعمال فى الدنيا ، فذكر أن جزاء الحسنة عشرة أضعافها إلى سبعمائة ضعف ؛ إلى ما لا يحيط به إلا علام الغيوب ، فضلا من الله ورحمة ؛ وجزاء السيئة مثلها ، لطفا منه بعباده ، وشفقة عليهم.
الإيضاح
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) أي تلك (الدار التي سمعت خبرها ، وبلغك وصفها ـ نجعل نعيمها للذين لا يريدون تكبرا عن الحق وإعراضا عنه ، ولا ظلم الناس ومعصية الله.
وثبت فى الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : «إنه أوحى إلىّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغى أحد على أحد». وروى مسلم وأبو داود أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : «لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر ، فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، فقال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس».
وروى أبو هريرة : «أنه جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وكان جميلا ، فقال : يا رسول الله إنى رجل حبّب إلىّ الجمال ؛ وأعطيت منه ما ترى ؛ حتى ما أحب أن يفوقنى أحد بشراك نعل ؛ أفمن ذلك؟ قال : لا ؛ ولكن المتكبر من بطر الحق وغمط الناس».
وعن عدى بن حاتم قال : «لما دخل على النبي صلّى الله عليه وسلّم ألقى إليه وسادة