(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٥))
المعنى الجملي
بعد أن أقام لهم الحجج والبراهين على الوحدانية وإرسال الرسل والحشر والجزاء ؛ أردف هذا ببيان أنهم جحدوا وعاندوا ودفعوا الحق بالباطل بعد أن ألزمهم الحجة ، ولم يجدوا للدفاع سبيلا ، وحينئذ عدلوا إلى استعمال القوة كما هو دأب المحجوج المغلوب على أمره ، فقالوا لقومهم : «ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم» ، فأنجاه الله من كيدهم ، وجعلها عليه بردا وسلاما ، فعاد إلى لومهم بعد أن أخرج من النار ، وقال : إن تمسككم بما أنتم عليه لم يكن عن دليل وبرهان ، بل عن تقليد وحفظ للمودة بينكم ، فلا يريد أحدكم أن يفارقه صاحبه فى السيرة والطريقة ولكنكم يوم القيامة تتحاجون حين يزول عمى القلوب ، وتستبين الأمور للّبيب الأريب ، ويكفّر بعضكم بعضا ، فيقول العابد : ما هذا معبودى ، ويقول المعبود : ما هؤلاء بعبدتي ، ويلعن بعضكم بعضا ، فيقول هذا لذاك : أنت الذي أوقعتنى فى العذاب حيث عبدتنى ، ويقول ذاك لهذا : أنت الذي أوقعتنى فيه حيث أضللتنى بعبادته ، ويود كل منكم أن يبعد عن صاحبه ، وأنّى لهما ذلك ، وهما مجتمعان فى النار؟ وما لهما ناصر يخلّصهما منها كما خلصنى ربى من النار التي ألقيتمونى فيها.