فهو الحاكم المتصرف الذي يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد ، لا معقب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون.
(وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) أي وإليه تردّون بعد موتكم ؛ والمراد أنه إن تأخر ذلك عنكم فلا تظنوا أنه قد فات ، فإن إليه إيابكم ، وعليه حسابكم ، وعنده يدّخر ثوابكم وعقابكم.
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) أي إنه تعالى لا يعجزه أحد من أهل سمواته ولا أرضه ، بل هو القاهر فوق عباده ، فكل شىء فقير إليه ، فلو صعد إلى السمّاكين ، أو هبط إلى موضع السموك فى الماء ما خرج من قبضته وما استطاع الهرب منه.
ولما بين أنه مقدور عليهم جميعا لا يفلتون منه ، ذكر أنه لا يستطيع أحد نصرهم فقال :
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي وما كان لكم أيها الناس ولى بلى أموركم ، ويحرسكم من أن يصيبكم بلاء أرضى أو سماوى ، ولا نصير يدفع عذاب الله عنكم إن قدّر لكم.
ولما قرر التوحيد والبعث هدد من خالفهما وتوعده فقال :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي والذين كفروا بالدلائل التي نصبها سبحانه فى الكون دالة على توحيده ، والدلائل التي أنزلها على رسله مرشدة إلى ذلك ، وجحدوا لقاءه والورود إليه يوم تقوم الساعة ، أولئك لا أمل لهم فى رحمته ، لأنهم لم يخافوا عقابه ، ولم يرجوا ثوابه ، ولهم عذاب مؤلم موجع فى الدنيا والآخرة.
ونحو الآية قوله : «إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ».