روى الترمذي «أن الآية نزلت فى سعد بن أبى وقّاص وأمه حمنة بنت أبى سفيان لما أسلم وكان من السابقين الأولين وكان بارّا بأمه ، قالت له : ما هذا الدين الذي أحدثت؟ والله لا آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت فتتعيّر بذلك أبد الدهر يقال : يا قاتل أمه ، ثم إنها مكثت يوما وليلة لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل ، فأصبحت وقد جهدت ، ثم مكثت يوما آخر وليلة لم تأكل ولم تشرب ، فجاء سعد إليها وقال يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت دينى ، فكلى إن شئت ، وإن شئت فلا تأكلى ، فلما أيست منه أكلت وشربت ، فأنزل الله هذه الآية ، آمرا بالبر بالوالدين والإحسان إليهما ، وعدم طاعتهما فى الشرك به».
الإيضاح
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) أي وأمرناه بتعهدهما والبر بهما ، والإحسان إليهما ، كما قال فى آية أخرى : «وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ، وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً».
(وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) أي وإن حرضاك على أن تتابعهما على دينهما إذا كانا مشركين ، فإياك أن تفعل ذلك ، وجاء فى الحديث الصحيح «لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق».
ومعنى قوله : (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أنه لا علم لك بإلهيته ، وإذا كان لا يجوز له أن يتّبع فيما لا يعلم صحته فأحر به ألا يتبع فيما يعلم بطلانه.
ثم توعد من يفعل ذلك بقوله :
(إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي مرجعكم جميعا إلىّ يوم القيامة ،