والمقصد من طلب ذلك منهم فضيحتهم على رءوس الأشهاد ، بدعاء من لا نفع له ، ولا فائدة منه.
ثم بين حالهم حينئذ وتمنيهم أن لو كانوا وفّقوا فى الدنيا إلى سلوك طريق الهدى والرشاد فقال :
(وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) أي وأيقن الداعون والمدعوون أنهم صائرون إلى النار لا محالة ، وودّوا حين عاينوا العذاب لو أنهم كانوا من المهتدين المؤمنين فى الدنيا.
ونحو الآية قوله : «وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً».
وبعد أن سئلوا عن إشراكهم بالله توبيخا لهم ، سئلوا عن تكذيبهم للأنبياء كما أشار إلى ذلك بقوله :
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ؟) أي ويوم ينادى المشركين ربهم وقد برز الناس فى صعيد واحد ، منهم المطيع ومنهم العاصي ، وقد أخذ بأنفاسهم الزحام ، وتراكبت الأقدام على الأقدام ، فيقول لهم : ماذا أجبتم المرسلين فيما أرسلناهم به إليكم من دعائكم إلى التوحيد والبراءة من الأوثان والأصنام؟.
ثم بين أنهم لا يحارون جوابا ، ولا يجدون من الحجج ما يدافعون به عن أنفسهم فقال :
(فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ) أي فخفيت عليهم الحجج ولم يجدوا معذرة يجيبون بها ، فلم يكن لهم إلا السكوت جوابا.
ثم ذكر أنه تخفى عليهم كل طرق العلم التي كانت تجديهم فى الدنيا فقال :
(فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) أي فلا يسأل بعضهم بعضا كما يتساءل الناس فى المشكلات لما اعتراهم من الدهشة وعظيم الهول ، ولتساويهم جميعا فى عمى الأنباء عليهم والعجز عن الجواب.