تعاونا على الدّجل والتضليل ، وخداع السّذج من الجماهير ، ولم يرسلهما ربهما لهداية البشر كما زعما ، وإنا لكافرون بكل منهما ، ولا نؤمن بما جاءا به.
ثم أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتحدى قومه بأن يأتوا بكتاب أهدى للبشر ، وأصلح لحالهم فى المعاش والمعاد من التوراة والقرآن فقال :
(قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي ائتوني بكتاب من عند الله أصلح لهداية البشر من التوراة والقرآن ، فإن جئتم به فإنى لأتركهما وأتبع ما تجيئون به ، إن كنتم صادقين فيما تقولون ، جادّين فيما تدّعون.
ثم توعدهم إذا هم نكصوا على أعقابهم ، ولم يلبّوا طلبه ، ولم يأتوا بالكتاب فقال :
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) أي فإن لم يفعلوا ما كلفتهم به فاعلم أنهم سادرون فى غلوائهم ، متبعون لأهوائهم ، راكبون لرءوسهم ، حائدون عما يقتضيه الدليل والبرهان.
ثم بين عاقبة من يتبع الهوى فقال :
(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ؟) أي ومن أضل عن طريق الرشاد وسبيل السداد ، ممن سار متبعا الهوى بغير بيان من الله وعهد منه بما ينزله على رسله بوحي منه.
وفى هذا من التشنيع عليهم ، وتقبيح فعلهم ما لا يخفى على كل ذى لب.
ثم بين سنته تعالى فى خلقه فقال :
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي إن الله لا يوفّق لإصابة الحق واتباع سبيل الرشد ، من خالفوا أمره ، وتركوا طاعته ، وكذبوا رسله ، وبدّلوا عهده ، واتبعوا هوى أنفسهم ، إيثارا منهم لطاعة الشيطان على طاعة الرحمن.
ولما أثبت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بين الحكمة فى إنزال القرآن منجّما فقال :
(وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي ولقد نزلنا عليهم القرآن متواصلا