ولما أعلمت البنت الشيخ بذلك.
(قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ، وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) أي قال أبو المرأتين اللتين سقى لهما موسى : إنى أريد أن أزوجك إحدى ابنتىّ الحاضرتين أمامك ، فانظر من يقع اختيارك عليها منهما ، على أن تكون أجيرا لى ثمانى سنوات ترعى لى فيها غنمى ، فإن أتممت الثماني السنين التي شرطتها عليك فجعلتها عشرا فإحسان من عندك ، وما أحب أن أشاقك بمناقشة أو مراعاة أوقات ولا إتمام عشر ولا غير ذلك ، وإنك ستجدنى إن شاء الله ممن تحسن صحبتهم ويوفون بما تريد من خير لك ولنا.
وفى هذا دليل على مشروعية عرض ولىّ المرأة لها على الرجل ، فقد عرض عمر ابن الخطاب ابنته حفصة على أبى بكر وعثمان ، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ابن عمر «لما تأيمت حفصة قال عمر لعثمان : إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر» الحديث أخرجه البخاري.
فأجابه موسى :
(قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) أي قال ما شرطت علىّ فلك ، وما شرطت من تزوج إحداهما فلى والأمر على ذلك لا يخرج كلانا عنه ، لا أنا عما شرطت علىّ ، ولا أنت عما شرطت على نفسك.
ثم فسر هذا بقوله :
(أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ) أي أىّ المدتين قضيت ، الثماني الحجج أو العشر وفرغت منها فوفيتكها برعى غنمك وما شيتك فليس لك أن تطالبنى بأكثر منها.