الإيضاح
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) أي فلما رأى لوط معجزة إبراهيم آمن به وقال إبراهيم : إنى جاعل بلاد الشام دار هجرتى ؛ إذ أمرنى ربى بالتوجه إليها ، ويقال :
إن مهجره كان من كوثى من سواد الكوفة إلى أرض الشام ، فإنه لما بالغ فى الإرشاد ولم يهتد به أحد من قومه إلا لوط أصبح بقاؤه بينهم مفسدة ، لأنه إما اشتغال بما لا فائدة فيه وهو عبث ، وإما سكوت وهو دليل الرضا ، فلم تبق إلا الهجرة.
ذكر البيهقي عن قتادة قال : أول من هاجر من المسلمين إلى الله عز وجل بأهله عثمان بن عفان رضى الله عنه ، قال أنس بن مالك : خرج عثمان بن عفان ومعه رقيّة بنت رسول الله إلى أرض الحبشة ، فأبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهما ، فقدمت امرأة من قريش فقالت : يا محمد رأيت ختنك ومعه امرأته ، قال على أىّ حال رأيتهما؟ قالت : رأيته وقد حمل امرأته على حمار من هذه الدبابة (التي تدب فى الأرض ولا تسرع) وهو يسوقها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صحبهما الله ، إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط».
ثم ذكر العلة فى الهجرة فقال :
(إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي إن ربى هو العزيز الذي لا يذلّ من نصره ، بل يمنعه ممن أراده بسوء ، الحكيم فى تدبير شئون خلقه ، وتصريفه إياهم فيما صرّفهم فيه.
ثم ذكر سبحانه ما منّ به عليه من النعم فى الدنيا والآخرة كفاء إخلاصه له فقال :
(١) ـ (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) أي ورزقناه من لدنّا إسحاق ولدا ويعقوب من بعده حفيدا.
ونحو الآية قوله : «فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا» وقوله : «وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً»