أي الممتنعين عن عذابه ، يقال : نصره من عدوه فانتصر : أي منعه منه فامتنع ، وى : كلمة يراد بها التندم والتعجب مما حصل ، يقدر : أي يضيّق.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر فيما سلف بغى قارون وعتوه وجبروته ، وكثرة ما أوتيه من المال الذي تنوء به العصبة أولو القوة ـ أردف ذلك تفصيل بعض مظاهر بغيه وكبريائه ، فذكر أنه خرج على قومه ، وهو فى أبهى حليّه وحلله ، والعدد العديد من أعوانه وحشمه ، قصدا للتعالى على العشيرة ، وأبناء البلاد ، وفى ذلك كسر للقلوب ، وإذلال للنفوس ، وتفريق للكلمة ، فلا تربطهم رابطة ، ولا تجمعهم جامعة ، فيذلون فى الدنيا بانقضاض الأعداء عليهم ، وتفريقهم شذر مذر ، وقد غرّت هذه المظاهر بعض الجهال الذين لا همّ لهم إلا زخرف الحياة وزينتها ، فتمنّوا أن يكون لهم مثلها ، فرد عليهم من وفقهم الله لهدايته ، بأن ما عنده من النعيم لمن اتقى خير مما أوتى قارون ، ولا يناله إلا من صبر على الطاعات ، واجتنب المعاصي ، ثم أعقب ذلك بذكر ما آل إليه أمره من خسف الأرض به وبداره ، ولم يجد معينا ينصره ويدفع العذاب عنه ، وقد انقلب حال المتمنين المعجبين بحاله إلى متعجبين مما حل به ، قائلين : إن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ؛ لا لفضل منزلته عنده وكرامته لديه كما بسط لقارون ويضيّق على من يشاء ، لا لهوانه عليه ولا لسخط عمله ، ولو لا أن تفضل علينا فصرف عنا ما كنا نتمناه بالأمس لخسف بنا الأرض.
الإيضاح
(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) أي فخرج ذات يوم على قومه فى زينة عظيمة ، وتجمل باهر من مراكب وخدم وحشم ، مريدا بذلك التعالي على الناس ، وإظهار العظمة ، وذلك من الصفات البغيضة ، والافتخار الممقوت ، والخيلاء المذمومة لدى