تفسير المفردات
بطرت : أي بغت وتجبرت ولم تحفظ حق الله ، وأمّها : أكبرها وأعظمها ، وهى قصبتها (عاصمتها).
المعنى الجملي
هذا هو الرد الثاني على شبهتهم ، فإنه بعد أن بين ما خص به أهل مكة من النعم أتبعه بما أنزله على الأمم الماضية الذين كانوا فى رغد من العيش ، فكذبوا الرسل ، فأزال عنهم تلك النعم ، وأحل بهم النقم.
وإجمال هذا ـ إن قولكم لا نؤمن خوفا من زوال النعم ليس بحق ، بل الإصرار على عدم قبول الإيمان هو الذي يزيل هذه النعم.
ثم بين أن من سنته تعالى ألا يهلك قوما إلا إذا أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين.
الإيضاح
(وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً) أي وكثير من القرى أثرى أهلها وسعوا فى الأرض فسادا وبطروا تلك النعم ، فخرّب الله ديارهم ، وأصبحت خاوية لم يعمر منها إلا أقلها ، وصار أكثرها خرابا يبابا.
ونحو الآية قوله : «وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ».
(وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ) لهم ، إذ لم يخلفهم أحد يتصرف تصرفهم فى ديارهم وسائر ما يتصرفون فيه.
والشيء إذا لم يبق له مالك معين قيل إنه ميراث الله ، لأنه هو الباقي بعد خلقه.
ونحو الآية قوله : «وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ».