الإيضاح
(أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) أرشد إبراهيم خليل الرحمن قومه إلى
إثبات المعاد الذي ينكرونه ، بما يشاهدونه فى أنفسهم من خلقهم بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا ، ثم إعطائهم السمع والبصر والأفئدة ، وتصرفهم فى الحياة إلى حين ، ثم موتهم بعد ذلك ، والذي بدأ هذا قادر على أن يعيده ، بل هو أهون عليه كما قال فى آية أخرى : «وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ».
وخلاصة هذا : أنتم قد علمتم ذلك فكيف تنكرون الإعادة وهى أهون عليه؟
وبعد أن ساق هذا الدليل المشاهد فى الأنفس ، أرشد إلى الاعتبار بما فى الآفاق من الآيات المشاهدة فقال :
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ، ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي سيروا فى الأرض وشاهدوا السموات وما فيها من الكواكب النيرة. ثوابتها وسياراتها ، والأرض وما فيها من جبال ومهاد ، وبراري وقفار ، وأشجار وثمار ، وأنهار وبحار ، فكل ذلك شاهد على حدوثها فى أنفسها وعلى جود صانعها الذي يقول للشىء كن فيكون.
أو ليس من فعل هذا بقادر على أن ينشئه نشأة أخرى ، ويوجده مرة ثانية وهو القادر على كل شىء؟.
وشبيه بالآية قوله فى الآية الأخرى : «سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ».
ولما أقام الدليل على الإعادة رتب عليها ما سيكون بعدها فقال :
(يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) أي يعذب من يشاء منكم ومن غيركم فى الدنيا والآخرة بعدله فى حكمه بحسب سننه فى خلقه ، ويرحم من يشاء بفضله ورحمته ،