وقيل : من سعادة المرء أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره. قال الشاعر :
لا تكشفن من مساوى الناس ما ستروا |
|
فيهتك الله سترا عن مساويكا |
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا |
|
ولا تعب أحدا منهم بما فيكا |
(وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) أي لا يدع بعضكم بعضا باللقب الذي يسوءه ويكرهه كأن يقول لأخيه المسلم : يا فاسق ، يا منافق ، أو يقول لمن أسلم : يا يهودى ، أو يا نصرانى.
قال قتادة وعكرمة عن أبى جبيرة بن الضحاك قال : فى بنى سلمة نزلت (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة وليس فينا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة ، فكان إذا دعا واحدا باسم من تلك الأسماء قالوا : يا رسول الله إنه يكرهه فنزلت. أخرجه البخاري فى الأدب وأهل السنن وغيرهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : التنابز بالألقاب أن يكون الرجل قد عمل السيئات ثم تاب وراجع الحق ، فنهى الله تعالى أن يعيّر بما سلف من عمله.
أما الألقاب التي تكسب حمدا أو مدحا وتكون حقّا وصدقا فلا تكره كما قيل لأبى بكر : عتيق ، ولعمر : الفاروق ، ولعثمان : ذو النورين ، ولعلى : أبو تراب ، ولخالد سيف الله.
(بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) أي بئس الذكر المرتفع للمؤمنين أن يذكروا بالفسوق بعد دخولهم فى الإيمان واشتهارهم به.
وفى هذا إيماء إلى استقباح الجمع بين الأمرين كما تقول بئس الصبوة بعد الشيخوخة أي معها.
(وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) أي ومن لم يتب من نبزه أخاه بما نهى الله عن نبزه من الألقاب ، أو لمزه إياه ، أو سخريته منه ، فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم فأكسبوها عقاب الله بعصيانهم إياه.